Dubai Cares

تعيش فلسطين حالة حرب وعدم استقرار منذ ما يقارب 70 عاما. وأدى هذا الصراع الطويل الأمد إلى إلحاق أضرار بالغة بالبلد، مخلفاً وراءه دماراً وخراباً مهولاً. وقد تفاقمت الأزمة الإنسانية الحالية بسبب الحرب التي وقعت في عام 2014 والتي أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية التحتية في قطاع غزة، بما في ذلك منشآتها التعليمية. علاوة على ذلك، وبسبب التهديد المستمر بالعنف، واجهت غزة صعوبات هائلة في إعادة بناء بنيتها التحتية، خصوصاً في الجانب التعليمي. هذا وقد أصبحت مدارس الطفولة المبكرة في حاجة ماسة إلى الدعم، حيث تسعى جاهدة لتوفير الألعاب والمواد والموارد التعليمية الأساسية. ويناضل أطفال غزة باستمرار للتغلب على الشعور بالضعف والعزلة بسبب كفاحهم المستمر من أجل البقاء، وافتقارهم إلى الدعم الاجتماعي والعاطفي الذي توفره المدارس العادية. وما يزيد الأمور تعقيداً، هو افتقار الآباء والمعلمين للمعرفة المرتبطة بالعناية الضرورية  من أجل تلبية الاحتياجات الاجتماعية والعاطفية والتنموية للأطفال الذين ينشؤون في بيئات متوترة وهو الوضع الذي يعيشه الأطفال الفلسطينيين.

ولتعزيز مظاهر الحياة الطبيعية، عملت دبي العطاء بالتعاون مع المؤسسة الأمريكية لإغاثة اللاجئين في الشرق الأدنى (أنيرا) على تسهيل عملية التعلم والالتحاق بالمدرسة من خلال إعادة إدراج عملية القراءة، وهي جزء لا يتجزأ من الطفولة. ولتشجيع الأطفال على الاستماع إلى القصص وقراءتها، قامت دبي العطاء بتمويل دورة تدريبية لمعلمي مرحلة ما قبل المدرسة لتعليم الأطفال  القراءة.

وتعليقاً على هذا البرنامج، تقول تهاني دلول، معلمة في مرحلة ما قبل المدرسة في غزة: "حب الأطفال للقراءة يضاهي حب الأشجار والأزهار لضوء الشمس." تشارك تهاني في مبادرة جديدة تهدف إلى إدراج أسلوب السرد القصصي في الفصول الدراسية، وهو عنصراً أساسي لتنمية الطفولة المبكرة. ويساعد السرد القصصي على تطوير المهارات المعرفية والعاطفية والاجتماعية عند الأطفال، وخاصة في المراحل الأولى من الحياة. ومن خلال تخيّل الصور الغنيّة بالمعاني وفهم السرد، يمكن للأطفال تطوير قدراتهم الإدراكية وسط أجواء من المرح، بطريقة تفاعلية. وتضيف تهاني: "هذه المهارات مفيدة لتطوير اللغة ومحو الأمية أيضا."

سعاد المبشر، معلمة أخرى تؤكد على أهمية القراءة للأطفال. تروي سعاد قصة وهي جالسة على ركبيتيها ومحاطة بالأطفال في أحد الفصول المدرسية، مستعملةً أصوات متباينة لشخصيات مختلفة تتناسب مع مشاهد القصة التي تسردها. وتقوم سعاد من خلال قرائتها للقصة بجذب اهتمام الأطفال من خلال  الشخصيات الملونة والمحببة لدى الأطفال. تقول سعاد: "لقد تعلمت هذه الأساليب من خلال برنامج تدريب المعلمين. سرد القصص يقدم فرصة لغرس العادات والقيم الإيجابية."

سوزانا، فتاة صغيرة في المدرسة تسير إلى المنزل عبر أزقة ضيقة في مخيم الشاطئ لللاجئين، تمشي وهي فخورة بحقيبتها المدرسية الجديدة التي يوجد فيها كتب التلوين، وأقلام ملونة والقصص التي تشاركها مع عائلتها. أمّا والدتها هبة فهي تجمع الأطفال الآخرين لسماع قصة عن فتاة تدعى "كارما" تعيش مثلهم في مخيم لللاجئين.

تقول هبة: " عندما يقرأ الآباء لأطفالهم، فإن ذلك له أثر كبير في نشأتهم على حب القراءة فيما بعد. كما أن القراءة تجعلنا نشعر بأننا أكثر ارتباطا بأطفالنا." وفي كل ليلة حين تقوم هبة بأعمال المطبخ تفكر بقصة لترويها لأطفالها وتمضية وقت أطول معهم. وتضيف: "قد لا يتذكر الأطفال كل القصص، لكنهم سيحملون دائما جزءا من كل قصة معهم."

كما يهدف برنامج دبي العطاء إلى ضمان توفير أنشطة القراءة للأطفال في بيئة تعليمية غنيّة. وساهم هذا البرنامج القيام بعملية ترميم واسعة لمدرسة التعليم ما قبل المدرسة في مخيم الشاطئ. وتقول عبير صالحة، معلمة في المدرسة: "كانت الفصول الدراسية القديمة بلا نوافذ، ومظلمة وذات رائحة كريهة، وجدران متصدعة، وأسقف متهاوية تتسرب منها المياه ودورات مياه مدرسية قديمة. وقد أحدثت عمليات تجديد المدارس على نطاق واسع فارقاً ملحوظاً وأوجدت مساحات صديقة للأطفال محفّزة على التعلم." وأصبح لدى الأطفال الآن فصول دراسية جديدة، بالإضافة إلى ملعب وحمامات جديدة ومطبخ لتقديم وجبات صحية. وأضافت عبير، "إنني سعيدة بأن أكون جزءاً من توسيع مخيلة أطفالنا من خلال سرد القصص. ويشكل تجديد مدرسة ما قبل التعليم المدرسي بداية صحية لأطفال غزة للعودة إلى الحياة الطبيعية."

For better web experience, please use the website in portrait mode