Dubai Cares

تقول بروميلا بوري، وهي عاملة تبلغ من العمر 80 عاماً وتعمل في "مزرعة راشدبور للشاي" التي تقع في منطقة باهوبال التابعة لمقاطعة هوبيجونج بالشمال الشرقي من مدينة سيلهيت،"لم أنل أي قسط من التعليم، بيد أن حفيدتي كانت أسعد حظاً مني والتحقت بالمدرسة. وكم أشعر بالسعادة وأنا أراها ذاهبة إليها، وأتخيل أنني لو كنت محظوظة مثلها والتحقت بالمدرسة، لكانت حياتي مختلفة الآن".

تواجه بنغلاديش تحديات اجتماعية واقتصادية خطيرة، بما فيها المعركة المستمرة ضد الفقر والتعرض للكوارث الطبيعية. فطبقاً للإحصاءات الرسمية، تبلغ نسبة الأطفال حوالي 45% من إجمالي عدد سكان بنغلاديش الذي يعيش 46% منهم تحت الخط الوطني الرسمي للفقر، فضلاً عن أن ربع هذه النسبة يعيش في فقر شديد. وهناك ما يتراوح بين ثلاثة إلى أربعة ملايين طفل، من إجمالي عدد الأطفال ممن هم في سن التعليم الأساسي والبالغ 19 مليون طفل، لا يحصلون على التعليم الأساسي. وبرغم الجهود التي تبذلها الحكومة، إلا أن معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة والتحاق الأطفال بالمدارس والاستمرار فيها ومعدلات التحصيل الدراسي ما زالت منخفضة داخل المجتمعات المحلية المهمشة، خاصة بالنسبة للفتيات. ويتسرب ثلث عدد الأطفال الذين التحقوا بالمدارس قبل إتمام مرحلة التعليم الأساسي، ولا يستوفي ما يقارب من 80% من الأطفال الذين أتموا مرحلة التعليم الأساسي معايير الإلمام بالقراءة والكتابة ومبادئ الحساب، الأمر الذي يستوجب إعادة تعليمهم.

وتعد منطقة "مزرعة راشدبور للشاي" إحدى المناطق التي تعاني من محدودية فرص التعليم. وقد بدأت الأنشطة الزراعية فيها منذ عام 1887، إلا أن ظروف العمال فيها لم تتغير لمدة تزيد على عقد من الزمان. وتقول بروميلا بوري، وهي إحدى أقدم سكان مزرعة راشدبور للشاي: "لقد بدأنا العمل هنا منذ فترة طويلة، إلا أن ظروفنا لم تتحسن كثيراً. والعديد منا يعيش على الكفاف اعتماداً على حصص الإعاشة التي تقدمها لنا إدارة المزرعة". وبرغم أن إدارة المزرعة قد أنشأت مدرسة ابتدائية تستوعب 188 طفلاً من أطفال العمال، إلا أن ما يزيد على 100 طفل لم يلتحق يوماً بالمدرسة، إذ أن أقرب مدرسة ابتدائية حكومية تبعد عن المزرعة مسافة تزيد على كيلو مترين.

وفي إطار جهودها الرامية الى مساعدة حكومة بنغلاديش في تحقيق الهدف الخاص بتعميم التعليم الأساسي، وهو أحد أهداف الألفية للتنمية، أبرمت دبي العطاء شراكة مع منظمة إنقاذ الطفل لإحداث تغييرات إيجابية في حياة الأطفال المحرومين عبر تعزيز فرص حصولهم على مستوى جيد من التعليم الأساسي غير الرسمي.

وقد تم تصميم مشروع "شيخون - بدائل التعليم للأطفال المعرضين للمخاطر"، الممول من جانب دبي العطاء ومؤسسات أخرى، بهدف منح 75,000 طفل من الأطفال غير الملتحقين بالمدارس فرصة الحصول على تعليم غير رسمي يتسم بالجدوى والمستوى الجيد، وذلك عبر الوصول بالأطفال إلى نفس الكفاءات التي يتم تحقيقها خلال خمس سنوات بالمدارس الابتدائية الرسمية خلال أربع سنوات دراسية فقط. ومن خلال تطبيق أساليب تعليمية متقدمة داخل الفصول الدراسية وخارجها على حد سواء، يهدف هذا المشروع إلى تعليم 30,500 طفل مبتدئ ومساعدتهم على الوصول إلى كفاءة الصف الخامس بالدراسة خلال أربع سنوات دراسية فقط. ومع إقامة 1,670 فصلاً دراسياً في أنحاء الدولة، سيضاف عدد يبلغ 19,500 طفل إلى عدد الأطفال الذين يصلون الى  كفاءة الصف الرابع.

يقوم البرنامج أيضاً بتدريب 1,670 مدرّساً و/أو مساعداً، بدءاً من الصف الأول وحتى الصف الخامس، على منهجيات التدريس والتعليم، وحول تقديم خدمات صحية فعالة من حيث التكلفة وذات فائدة غذائية مُجدية.

وقال هاريبال ديشوارا، رئيس مجموعة المساعدة المعنية بالمدارس، قائلاً: "إننا نشهد تغيرات إيجابية في الأنشطة اليومية لأطفالنا، سواء داخل منازلهم أو خارجها. وقد أصبحوا أكثر سعادة من ذي قبل، كما أنهم مقربون من مدرسيهم ويحبون ممارسة الألعاب الخارجية. ونرى أنهم يتطلعون قدماً للذهاب إلى المدرسة، ويشاركون بحماس في المحافظة على نظافة مدارسهم".

وتشير التقييمات المبدئية إلى أن معدلات الحضور والتحصيل الدراسي قد أصبحت ممتازة. ويمثل هذا بارقة أمل لعمال مزرعة الشاي، إذ أنهم يدركون جيداً أن التعليم هو السبيل الوحيد أمام أطفالهم للوصول إلى فرص وبدائل معيشية أفضل.

For better web experience, please use the website in portrait mode